الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات ما حكاية حشرة البق التي اجتاحت العاصمة الفرنسية باريس ؟

نشر في  03 أكتوبر 2023  (14:06)

سيطرت حالة من الغضب على الرأي العام الفرنسي إثر اجتياح حشرة البق أو “بق الفراش”، المرافق العامة في العاصمة الفرنسية باريس خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي دفع وزير النقل الفرنسي كليمنت بون إلى الإعلان عن اتخاذ “إجراءات أساسية” من أجل طمأنة وحماية الناس من زيادة أعدادها، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية. 

ويأتي هذا الإعلان في وقت تزداد فيه مطالبات المسؤولين والنقابات العمالية في باريس الحكومة لاتخاذ إجراءات بعد ظهور فيديوهات لبق الفراش في وسائل النقل العام ومواقع أخرى مثل دور السينما.

وبق الفراش حشرات صغيرة بلا أجنحة وذات لون بني مائل للحمرة تمتص الدم وتزول لدغاتها دون علاج في غضون أسبوع أو أسبوعين. ومن المعروف عن بَقِّ الفراش أنه لا ينشُر أي مرض، ولكن يمكن أن يسبب تفاعلاً تحسُّسيًّا أو تفاعلًا جلديًّا شديدًا لدى بعض الأشخاص.

وتقول أستاذة مادة العلوم الحيوية ماي الهاشم: “تعيش هذه الحشرة من خلال امتصاص دم الحيوانات أو البشر، أي أنها تتعذى من الدماء. يميل لونها إلى البني القاتم والأحمر”. ويمكن العثور عليها في الملابس، الأمتعة، أغطية الأسرّة، هياكل المراتب، نوابض هياكل المراتب، رؤوس الأسرّة، الأغراض القريبة من الأسرّة، تحت قشور الطلاء وورق الحائط المفكك، تحت السجاجيد القريبة من ألواح الحوائط السفلية في مواضع خياطة الأثاث المنجّد، وتحت لوحات مفاتيح الإضاءة أو مقابس الكهرباء.

وتتميّز حشرة البق بقدرتها على العيش بشكل منفرد أو حتى ضمن مجموعات، على عكس النمل أو النحل الذي يفضل العيش على شكل مجموعات. كما تتميز بقدرتها الكبيرة على الانتقال من مكان إلى آخر، والتكاثر، ومن هنا تكمن خطورتها. وبحسب الهاشم، عادة ما يعيش البق في الأماكن التي لا تدخلها الشمس، أو الموبوءة، أو حتى الأماكن التي يكثر فيها العفن. ولذلك، بمجرد اكتشاف وجود البق في مكان، يجب التطهير والتعقيم. 

وتؤكد الهاشم أن البق ليس من الحشرات المؤذية أو تلك التي تترك تأثيرات صحية بالغة على الأشخاص في حال تعرضوا للدغاتها. إلا أنه من الأفضل زيارة الطبيب أو المتخصص، وخصوصاً إذا كانت لدى الأشخاص أنواع مختلفة من الحساسية، مشددة على أهمية حماية الأطفال وكبار السن من لدغات البق على اعتبار أن مناعتهم عادة ما تكون ضعيفة نسبياً.

وبحسب الدراسات العلمية، فإنه بالنسبة لمعظم الناس لا تعتبر لدغات بق الفراش خطرة، لأنها لا تنشر البكتيريا الحاملة للأمراض. ومع ذلك، قد يعاني البعض الآخر من لدغات مثيرة للحكة ومؤلمة والحساسية أو العدوى في بعض الحالات. وقد تؤدي الحكة المستمرة أيضاً إلى الحرمان من النوم. 

أسباب انتشار البق

إلى ذلك، يشير المهندس الزراعي والمتخصص بالمبيدات الحشرية محمد الوزان إلى أن انتشار البق في مناطق معينة حول العالم، على غرار العاصمة الفرنسية باريس، أمر عادي، ويمكن أن يحصل في أي منطقة بالعالم. ويرجح أن انتشاره بكثافة ربما قد يكون مرتبطاً بغياب التدابير الأساسية الواجب اتخاذها عند ظهور البق في مكان معين، في ظل قدرة البق على التكاثر والانتشار.

ويقول الوزان لـ”العربي الجديد”: “عادة يضع البق البيض بشكل غير مرئي، ويوازي وزن البيضة ذرة من الغبار، ما يجعل من الصعب إيجادها والقضاء عليها. لذلك، عادة ما ينصح الناس بضرورة تهوئة المنازل باستمرار ورش المبيدات”.

يضيف: “من الطرق التقليدية استخدام الكحول المعقم، وغسل المراتب والأقمشة أو الثياب الموبوءة بالمياه وعلى درجة حرارة مرتفعة. ويمكن القضاء على البق وغيرها من الحشرات الصغيرة من خلال رش المواد الكيميائية التي تقضي على هذه الحشرات وتعقم الأماكن”.

وفي فرنسا، لم يكن للبق أي وجود في المرافق العامة أو المنازل بعدما اختفى بحلول خمسينيات القرن الماضي، لكنه عاد للظهور من جديد خلال العقود الأخيرة بحسب صحيفة “لوموند”، عازية السبب إلى الكثافة السكانية العالية وزيادة النقل الجماعي. ويُعتقد أن عُشر الأسر الفرنسية كانت تعاني من مشكلة بق الفراش خلال السنوات القليلة الماضية. 

وكانت وكالة الصحة الفرنسية قد أوصت الأشخاص بفحص أسرتهم في الفنادق عند السفر وتوخي الحذر بشأن جلب الأثاث المستعمل أو المراتب المستعملة إلى منازلهم، في محاولة منها للحد من انتشار البق في العاصمة.

ردود فعل

أثار ظهور بق الفراش في القطارات الفرنسية حالة من الذعر على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدث البعض عن تعرّضه للدغات. وشارك مستخدمون صوراً وفيديوهات لعربات موبوءة بالحشرات، ووصل تفشيها إلى محطة المترو وبعض دور السينما في العاصمة. كما أبلغ أحد الركاب الذي كان يسافر على متن قطار TGV من مرسيليا إلى باريس عن وجود بق الفراش.

وقالت رئيسة كتلة “فرنسا الأبية” المنتمية إلى التحالف اليساري ماتيلد بانوت إن بق الفراش “سبب جحيماً لملايين الأسر في هذا البلد”، ويجب على الحكومة أن تتحرك. أضافت أنها تعرضت للسخرية عندما دعت إلى خطة وطنية طارئة لمعالجة بق الفراش منذ عام 2019، وقالت للإذاعة الفرنسية: “نريد أن تعترف الحكومة بالأمر باعتباره مشكلة صحية عامة. يجب أن يتوقفوا عن مطالبة الناس بالتعامل مع المشكلة بأنفسهم كما لو كانت فردية، بينما تفرض الشركات تعريفات باهظة لرشها بالمبيدات الكيميائية”، وأكدت أنها مشكلة صحية وتتعلق بالصحة النفسية.

يذكر أن الهيئة العليا للصحة الفرنسية قدرت أنه ما بين عامي 2017 و2022، كانت 11 في المائة من المنازل الفرنسية موبوءة. وتشير دراسات إلى أن واحداً من كل خمسة أميركيين قد أبلغوا عن مستوى معين من الإصابة ببق الفراش سنوياً.